
أدانت محكمة الصلح في حيفا، الاسبوع الماضي، الشرطي السابق ليئور حَاتام بالاعتداء على مدير مركز “مساواة” جعفر فرح داخل مركز شرطة حيفا في 18 مايو 2018 والتسبب بكسر ساقه. وذلك بعد سبع سنوات من وقوع الأحداث الخطيرة التي جرت في حيفا .
آنذاك، نفت الشرطة بقيادة المفتش العام روني الشيخ وقوع الاعتداء، وحاولت تحميل المسؤولية لفرح نفسه. بل إن المفتش العام صرّح في أحد المقابلات قائلاً: “ماذا، ألم تروا شخصًا يسير بساق مكسورة؟” كما نفى وزير الأمن الداخلي حينها تعرض المعتقلين للضرب داخل مركز الشرطة. بدوره، دعم قائد مركز شرطة حيفا الشرطي المتهم، بل وزاره في منزله بعد الحادثة.
وقعت الحادثة بعد مشاركة فرح في مظاهرة ضد عملية عسكرية في غزة، وقد اشتكى متظاهرون آخرون من تعرضهم للضرب داخل غرفة الاجتماعات في المركز، إلا أن المحكمة لم تُدن الشرطي بالاعتداء على باقي المشتكين. شارك في المظاهرة مئات الأشخاص، بمن فيهم متظاهرون يهود، لكن قائد مركز شرطة حيفا أمر بتفريقها وأعلن أنها غير قانونية، ما أدى إلى اعتقال 21 متظاهرًا في تلك الليلة.
في تلك الليلة، قاد سائق إحدى مركبات الشرطة التي تقلّ المعتقلين—بينهم ابن جعفر فرح وابن شقيقه—بتهور، مما تسبب في حادث سير قرب مركز الشرطة، وأصيب على إثره عدد من عناصر الشرطة ونُقلوا للعلاج، بينما تم نقل المعتقلين المصابين إلى غرفة التوجيهات داخل المركز. عندما وصل جعفر فرح إلى هناك ورأى المعتقلين ينزفون، احتج على الأمر، فحاول الشرطي “حاتام” إسكاته بالقوة. فقط بعد احتجاج فرح، بدأت الشرطة في نقل الجرحى إلى المستشفى لتلقي العلاج.
عانى فرح من كسر في الساق، وتلقى العلاج في مستشفى “بني تسيون”، لكن تم نقله في منتصف الليل إلى سجن “جلبوع – كيشون”. وبعد أكثر من خمس ساعات، خلافًا لقانون الاعتقالات، تم تقديم المعتقلين الـ21 أمام القاضي، الذي أمر بالإفراج عنهم.
الشرطي “حاتام” كان متورطًا أيضًا في عدة حوادث عنف ضد زوجته قبل الاعتداء على فرح والمعتقلين الآخرين، وقد اعترف بتهم معدلة في لائحة الاتهام، لكن القاضية اكتفت بفرض عقوبة السجن مع وقف التنفيذ عليه، مما أثار انتقادات واسعة.
بعض ما ورد في بروتوكول الادانة:
كتب القاضي في قراره:
• “خلافًا لإفادته أمام وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحَش)، أدلى المتهم بشهادة متناقضة في المحكمة”.
• “في البداية قال إن التفتيش كان بغرض العثور على سكاكين أو أشياء مماثلة، ثم ادعى لاحقًا أنه خشي وجود جهاز تسجيل قد يشوش التحقيق”.
• “قال المتهم إنه طلب من جعفر مرافقته إلى المرحاض لإجراء تفتيش جسدي، لكن جعفر رفض”.
وأضاف القاضي: “سلوك المتهم طوال المحاكمة كان غير موثوق ومليئًا بالتناقضات”. كما أشار إلى أن التقرير الذي كتبه الشرطي عن الواقعة يحمل توقيتًا متناقضًا؛ حيث يظهر أنه كُتب في نفس ليلة الحادث الساعة 22:21، لكنه لم يُوقَّع إلا في اليوم التالي الساعة 18:39، وهو ما أثار العديد من التساؤلات.
وجاء في القرار أيضًا: “تشير الأدلة إلى أن المتهم لم يُعدّل تقريره إلا بعد أن طلب رؤساؤه منه ذلك، بعد أن علموا أن جعفر فرح قدّم شكوى ضده”. وتدعم ذلك شهادات قائد مركز الشرطة والرسائل المتبادلة بين المتهم وشرطية تدعى دنيت. وأضاف القاضي: “اختار المتهم عدم إنهاء التقرير في نفس المناوبة، على الأرجح حتى يتمكن لاحقًا من تعديله ليناسب روايته”.
تورط سابق في العنف ضد زوجته
وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحَش) التي حققت في شكاوى زوجة “حاتام” حول العنف الذي مارسه ضدها لم تقدم لائحة اتهام ضده إلا بعد اعتدائه على فرح والمعتقلين الآخرين. وتشير الأدلة المقدمة للمحكمة إلى أن “حاتام” استمر في الخدمة في الشرطة حتى بعد خضوعه للتحقيق في قضية العنف ضد زوجته.
وفي إحدى المراسلات، قال الشرطي إنه كان مكلفًا بحراسة المعتقلين لكنه قرر “الاحتفال بهم” بأسلوبه الخاص.
تعقيب جعفر فرح
في تعليقه على الحكم، قال مدير مركز “مساواة”، جعفر فرح:
“استغرقت المحاكمة سبع سنوات من الألم والتشهير الذي خرج من مركز شرطة حيفا حتى صدور الإدانة. الفساد في المركز كان يبدأ من المفتش العام، مرورًا بقائد المحطة، الذي دافع عن شرطي عنيف رغم اعتدائه على زوجته. آمل أن يؤدي هذا الحكم إلى تغيير في تعامل الشرطة وقادتها مع المتظاهرين والمشتبه بهم. لقد أخذوا أشخاصًا طبيعيين واحتفلوا بهم بحفلة عنف داخل غرفة التوجيهات بمركز الشرطة. التغطية الإعلامية للحادثة ساعدت في إثبات ادعاءاتي، لكن من المؤسف أن المحكمة لم تُدنه أيضًا بالاعتداء على باقي المشتكين”.