صادقت الحكومة الإسرائيلية، مساء الأحد، على خطوة تُعدّ تعميقًا خطيرًا للمساس بالمجتمع العربي، بعد إقرارها تقليصًا بقيمة 220.7 مليون شيكل من ميزانيات قرار الحكومة 550، الخاص بالخطة الخماسية لتقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع العربي حتى عام 2026. القرار أُقرّ بصورة مفاجئة ومن دون إدراج البند على جدول أعمال الحكومة، ما أثار انتقادات واسعة وتحذيرات من تداعيات اجتماعية واقتصادية بعيدة المدى.
وبموجب التعديل الذي أُقر، جرى تحويل الميزانيات المقتطعة من مجالات مدنية وتنموية مركزية – بينها التعليم، الثقافة والرياضة، برامج الشباب، تطوير السلطات المحلية، التخطيط، البنى التحتية، والتشغيل – لصالح الشرطة الإسرائيلية، وللمرة الأولى أيضًا لصالح جهاز الأمن العام الشاباك، بذريعة مكافحة الجريمة والعنف في المجتمع العربي.
ووفق نص القرار الرسمي، يشمل التقليص ميزانيات الأعوام 2025 و2026، وهي ميزانيات إضافية صودق عليها مسبقًا في إطار الخطة الخماسية، وجاء القرار رغم معارضة واضحة من المستويات المهنية في عدد من الوزارات الحكومية، التي حذّرت من أن المساس بهذه الميزانيات سيقوّض قدرة الوزارات على تنفيذ أهداف القرار وتقليص الفجوات البنيوية.
تفاصيل التقليص تُظهر حجم الضرر المتوقع، إذ يشمل خفض 16 مليون شيكل من ميزانيات وزارة التعليم المخصصة لبناء صفوف دراسية ورياض أطفال، ما ينذر بتفاقم أزمة الاكتظاظ في البلدات العربية. كما جرى تقليص نحو 14 مليون شيكل من ميزانيات وزارة الثقافة والرياضة، في خطوة تهدد استمرار مؤسسات ثقافية تشكّل ركيزة اجتماعية وتربوية لآلاف الشبان.
وفي مجال الشباب، تم وقف تمويل سلطة الشباب بالكامل بقيمة 15 مليون شيكل، ما يضع عشرات مراكز الشباب في السلطات المحلية العربية أمام خطر تقليص نشاطها أو الإغلاق. كذلك تضررت ميزانيات وزارة النقب والجليل المخصصة لتطوير محركات النمو الاقتصادي، وبناء المرافق العامة، وتطوير مناطق التشغيل.
كما طال التقليص ميزانيات وزارة المساواة الاجتماعية المخصصة لخدمات كبار السن، تقليص العزلة الاجتماعية، وتشجيع التشغيل، إلى جانب تحويل نحو 45 مليون شيكل كانت مخصصة لتقليص الفجوات والتنمية متعددة السنوات في المدن المختلطة، في خطوة يُخشى أن تزيد من هشاشة هذه المدن التي تعاني أصلًا من إهمال بنيوي وتوترات اجتماعية.
في المقابل، ينص القرار على تحويل كامل المبلغ المقتطع، 220.7 مليون شيكل، لتعزيز وحدات شرطية مختلفة، تمويل وسائل وتكنولوجيات عملياتية، إضافة إلى تخصيص عشرات ملايين الشواكل لصالح جهاز الشاباك، بما في ذلك إقامة وحدة مشتركة بين الشرطة والشاباك، وهو ما يشكّل سابقة في تحويل ميزانيات تنموية مدنية إلى أجهزة أمنية.
مركز مساواة: القرار يفرغ الخطة من مضمونها ويعمّق الفجوات
في أعقاب القرار، حذّر مركز مساواة من أن هذه الخطوة تمثّل تعميقًا خطيرًا للمساس بالمجتمع العربي، وتحوّل الخطة الخماسية من أداة لتقليص الفجوات إلى أداة أمنية. وأكد المركز أن تحويل الموارد من التعليم، الرفاه، التشغيل والمواصلات إلى أدوات قمعية، تحت شعار مكافحة الجريمة، سيؤدي إلى تعميق الفقر والفجوات الاجتماعية بدل معالجتها.
وأشار المركز إلى معطيات مؤسسة التأمين الوطني التي تُظهر أن 58% من العائلات العربية تعيش في انعدام أمن غذائي، محذرًا من أن تقليص الميزانيات المدنية سيحوّل الأزمة الاجتماعية القائمة إلى أزمة بنيوية طويلة الأمد.
وأوضح مركز مساواة أنه قام بسلسلة خطوات شملت توجهات رسمية للحكومة والوزارات المعنية، وتحذيرات إعلامية تستند إلى معطيات رسمية، إضافة إلى طرح بدائل عملية تركز على الاستثمار في التعليم، الرفاه والتشغيل كجزء لا يتجزأ من سياسة ناجعة لمكافحة العنف.
كما أشار المركز إلى أن الرأي القانوني المرافق لتعديل القرار تضمن تحفظات جوهرية وإشكاليات قانونية، خاصة فيما يتعلق بتقليص ميزانيات عام 2026 دون بنية وقائع كافية، وبإضعاف آليات المتابعة والرقابة على تنفيذ القرار 550، ما يثير تساؤلات حول سلامة الإجراءات وجدوى القرار على المدى المتوسط والبعيد.
وأكد مركز مساواة أنه يدرس، بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني أخرى، تصعيد خطوات المعارضة للقرار، بما يشمل تحركات جماهيرية واحتجاجات عامة، إلى جانب خطوات قانونية محتملة






