ربع قرن على هبة أكتوبر 2000: من شهداء الداخل إلى مجازر غزة - مركز مساواة لحقوق المواطنين العرب في اسرائيل

ربع قرن على هبة أكتوبر 2000: من شهداء الداخل إلى مجازر غزة

شارك مع أصدقائك

بقلم: جعفر فرح

مقدمة
في الذكرى الخامسة والعشرين لهبة أكتوبر "القدس والأقصى"، نستحضر تلك الأيام المفصلية التي هبّ فيها أبناء وبنات شعبنا في الداخل الفلسطيني دفاعًا عن كرامتهم الوطنية وحقوقهم الإنسانية. لقد شكّلت هذه الهبة محطة تاريخية فارقة، عبّرت عن الوعي الجمعي الرافض لسياسات القمع والتمييز، وأكدت وحدة المصير بين مختلف مكونات شعبنا في مواجهة محاولات الإقصاء والتهجير.

إن استذكار هذه الأحداث ليس مجرد إحياء لذكرى تاريخية، بل هو أيضًا دعوة للتأمل العميق في مسيرة نضالنا الجماعي، واستخلاص الدروس المستفادة من تلك المرحلة، لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، وتعزيز صمود مجتمعنا وحمايته في أرضه ووطنه.

انتخابات 1999
في عام 1999، انتخبت إسرائيل إيهود براك رئيسًا للحكومة، بأصوات الجماهير العربية التي ساهمت في إسقاط بنيامين نتنياهو وإرساله إلى المعارضة. شكّل براك حكومة اعتمدت على حزب ميرتس، لكنه استثنى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساوة وحزبي التجمع الوطني والحزب العربي الديمقراطي، رغم أنهم دعوا للتصويت له في انتخابات رئاسة الحكومة.

لاحقًا، أفشل براك مسار المفاوضات في كامب ديفيد، حيث عرض على الرئيس ياسر عرفات اقتراحات مهينة، من أبرزها التراجع عن منح الشعب الفلسطيني حقوقًا سيادية في القدس، وعدم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. بعد فشل المفاوضات، حمّل الرئيس الأميركي بيل كلينتون عرفات المسؤولية، وأعلن دعمه الكامل لبراك وحكومته، التي تلقت تمويلًا ودعمًا من داعمي كلينتون داخل الحزب الديمقراطي.

اقتحام المسجد الأقصى
في 28 أيلول/سبتمبر 2000، اقتحم رئيس المعارضة أريئيل شارون المسجد الأقصى تحت حماية مئات عناصر الشرطة. خلال الاقتحام اعتدى عناصر الشرطة على المصلين جسديًا، ومنعوهم من الدخول إلى المسجد.

ردًا فوريًا على ذلك، ومع التراكمات آنذاك، خرج الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده إلى الشوارع، معلنًا الاحتجاج على اقتحام الأقصى والاعتداء على المصلين. أُعلن الإضراب العام، بينما قرر براك إرسال قوات الجيش إلى كل مناطق الاحتجاج، لقمعها باستخدام الرصاص الحي. لم يستثنِ من هذا القمع المظاهرات التي خرجت داخل المدن والقرى الفلسطينية في الخط الأخضر، وأمر باستخدام الرصاص ضد المتظاهرين.

اغتيال الطفل محمد الدرة
في اليوم نفسه، شاهد العالم بأسره عبر الكاميرات مشهد اغتيال الطفل محمد الدرة، الذي كان يحتمي خلف والده قبل أن يقتله الجيش الإسرائيلي بالرصاص. تحوّل هذا المشهد إلى الفتيل الذي أشعل الغضب الشعبي في كل أماكن تواجد الفلسطينيين.

بدلًا من أن تنجح سياسة القمع في إخماد المظاهرات، تزايدت الاحتجاجات حتى أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية أن ما يجري هو بداية انتفاضة ثانية.

كان عدد كبير من المصلين من داخل الخط الأخضر حاضرًا في المسجد الأقصى يوم اقتحامه. ومع وصول أخبار الإصابات من قرى ومدن الداخل، توجهت مجموعات من النشطاء في اليوم التالي إلى مستشفيات أوغوستا فكتوريا والمقاصد للتبرع بالدم، دعمًا للطواقم الطبية التي واجهت ضغطًا هائلًا.

كل من وقف في المنطقة المطلة على البلدة القديمة بالقدس سمع أصوات الرصاص والقنابل، ورأى سيارات الإسعاف وهي تنقل المصابين والشهداء من البلدة القديمة إلى مستشفيات القدس. في الوقت نفسه، أغلقت الطرقات بين رام الله والقدس، وصار التنقل بين المناطق الفلسطينية شبه مستحيل.

الإضراب العام
في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2000، اجتمعت لجنة المتابعة العليا، وقررت إعلان الإضراب العام، مع تنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية على مداخل البلدات العربية.

أرسلت الحكومة قوات الشرطة ترافقها وحدات خاصة وأصدرت أوامر بإطلاق النار على كل من يغلق الشوارع. قاد العمليات الميدانية ضابط المنطقة الشمالية أليك رون، المعروف سابقًا بقيادته عمليات هدم واعتداءات على قرية أم السحالي عام 1997، وعلى مدرسة أم الفحم الثانوية عام 1998.

عائلة صيام تتبرع بأعضاء ابنها
لم نكد نصدق ما يحدث حتى وصلنا إلى متابعة أوضاع المصابين في المستشفيات. كان اللقاء الأول لي مع عائلات الشهداء في مستشفى رمبام، حيث كانت عائلة الشهيد محمد صيام بجانب سرير ابنها في قسم العلاج المكثف. كان محمد يعاني من موت دماغي بسبب إصابته برصاصة قناص في رأسه.

تواجدت قيادات بلدية أم الفحم إلى جانب العائلة، وبدأت مشاورات بعد تقييم الأطباء بأن الإصابة مميتة، وأن على العائلة مواجهة أصعب قرار: قبول وفاة ابنهم.

كانت تلك من أصعب اللحظات التي عشتها في حياتي. أن تقف مع عائلة في لحظة كهذه، وهي تقرر القبول بوفاة ابنها برصاص الشرطة داخل مستشفى إسرائيلي، أمر يفوق الوصف.

في تلك الدقائق، وصل محقق عربي من وحدة التحقيق مع رجال الشرطة "ماحاش"، وطلب من الأهل الموافقة على تشريح الجثمان. وسط هذه اللحظات القاسية، كان على العائلة اتخاذ قرارين في آن واحد: قبول الوفاة، والموافقة على التشريح.

وقفنا إلى جانب الوالد والوالدة والأهل نحاول استيعاب ما يحدث. لم تكن هذه المرة الأخيرة التي نقف فيها موقفًا مشابهًا للأسف. وخلال هذه الساعات، طرح الوالد سؤالًا غير متوقع: هل يمكن التبرع بأعضاء ولده لإنقاذ حياة آخرين؟

في أقسى لحظات الحزن والغضب، كان الوالد مستعدًا للتبرع بأعضاء ابنه. هذا الموقف يعكس إنسانية الشعب الفلسطيني في أبهى صورها. منذ ذلك اليوم، ألتقي بهذا الوالد وعائلته في المناسبات الوطنية والاجتماعية، وتبقى نظراتنا متبادلة تحمل قصة تلك الساعات المؤلمة.

د. عفو إغبارية والمستشفيات الميدانية في أم الفحم
لم يكن مجتمعنا مستعدًا لهذا الحجم من الإصابات بالرصاص الحي، على عكس الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة. لم تكن هناك عيادات ميدانية ولا سيارات إسعاف كافية، ورفضت "نجمة داوود الحمراء" إرسال سياراتها إلى أماكن المواجهة.

بعد انتشار أخبار عن تسليم بعض المستشفيات مصابين للشرطة، أصبح من المستحيل نقل الجرحى إليها. حوصرت مدينة أم الفحم، ولم تستطع سيارات الإسعاف الخاصة إخراج المصابين إلى مستشفيات الناصرة.

في مدينة أم الفحم عملت عيادة مؤسسة "الحياة"، بينما تحولت مستشفيات الناصرة إلى مستشفيات ميدانية تستقبل المصابين من كل المنطقة. حاولت الشرطة أكثر من مرة دخول مستشفيات الناصرة لاعتقال المصابين، واعتقلت فعلًا بعضهم في مستشفيات مدن يهودية.

بعد استغاثة الطواقم الطبية في أم الفحم، قمنا في حيفا بجمع الأموال وشراء المواد الطبية المطلوبة، ثم أوصلناها عبر طرق التفافية إلى العيادة التي أشرف عليها د. عفو إغبارية، والذي انتُخب لاحقًا عضو كنيست عن الجبهة الديمقراطية.

كانت المشاهد صادمة. في غرفة العمليات الميدانية، كان الشهيد مصلح أبو جراد مسجى، فيما كان الطاقم الطبي يحاول إنقاذ المصابين بالرصاص الحي. وما زال عدد من ملفات المصابين ذوي الإعاقات نتيجة إصابات تلك الأيام يتداول في المحاكم حتى اليوم.

قائمة الشهداء
الأول من أكتوبر 2000

رامي غرة – قرية جت
أحمد جبارين – أم الفحم
محمد جبارين – أم الفحم
الثاني من أكتوبر 2000

مصلح أبو جراد – غزة، أم الفحم
أسيل عاصلة – عرابة
علاء نصار – عرابة
وليد أبو صالح – سخنين
عماد غنايم – سخنين
إياد لوابنة – الناصرة
الثالث من أكتوبر 2000

محمد خمايسي – كفر كنا
رامز بشناق – كفر مندا
الثامن من أكتوبر 2000 (يوم الغفران)
صادف يوم 8 أكتوبر يوم الغفران لدى اليهود. في ذلك اليوم، هاجمت مجموعة من المستوطنين من نتسيرت عيليت (نوف هجليل اليوم) أهالي الحي الشرقي في الناصرة، ما دفع السكان للدفاع عن أنفسهم. عند وصول الشرطة، انحازت ضد الأهالي واعتدت عليهم، ما أدى إلى وقوع إصابات وقتلى.

عمر عكاوي – الناصرة
وسام يزبك – الناصرة
رابط لتقرير مركز مساواة حول تسلسل الأحداث

الحصار الإعلامي
ساهم الإعلام الإسرائيلي في حملة تحريض واسعة ضد الشعب الفلسطيني، وتعمّد التعتيم على ما جرى في بلدات الداخل، مكتفيًا بنقل رواية الشرطة والحكومة.

في 5 أكتوبر، اضطر مركز مساواة إلى نشر إعلان مدفوع الثمن في صحيفة "هآرتس" بأسماء أول 11 شهيدا، لكسر التعتيم الإعلامي الإسرائيلي والدولي.

وزعنا كاميرات على شباب في مدينة أم الفحم لتوثيق ممارسات الشرطة وتفنيد روايتها التي تبناها الإعلام العبري. الصور التي التقطها الشباب كانت شاهدة على استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين.

كما وثق طاقم "الأرز" في الناصرة اعتداء رجال الشرطة على نسرين وخولة خوري في منطقة العين، إلى جانب إطلاق النار في عدة مواقع بالمدينة. قام "راديو 2000" بتغطية الأحداث يوميًا، وقرر العاملون فيه تجديد البث يوم الغفران لتغطية محاولة اقتحام الحي الشرقي بالناصرة، رغم أن المحطة أُغلقت لاحقًا.

قررنا كسر الحصار الإعلامي بعقد مؤتمر صحفي في قلب تل أبيب، حضره بعض أهالي الشهداء ودبلوماسيون. واجهنا صعوبة في العثور على مكان لاستضافة المؤتمر، حتى وافق مدير مؤسسة "هاينريخ بل" كلود فاينبريج على فتح مقره. حضر المؤتمر والد الشهيد أسيل عاصلة، وممثلون عن مؤسسات حقوقية مثل "مساواة" و"عدالة"، إضافة إلى لجنة المتابعة العليا ودبلوماسيين كُثر.

اجتماع القيادات مع إيهود براك
استدعى رئيس الحكومة إيهود براك في 3 أكتوبر قيادة المجتمع الفلسطيني في الداخل إلى جلسة بمكتبه في القدس، بعد ضغوط محلية ودولية استنكرت استخدام الرصاص الحي.

قاد الوفد رئيس لجنة المتابعة محمد زيدان، برفقة قيادات سياسية ورؤساء سلطات محلية. حاول براك إنكار استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، لكن زيدان وضع أمامه رصاصًا جُمع من كفر مندا كدليل قاطع.

بشكل متعمد تقريبًا، واصل الجيش استخدام الرصاص، ما أدى إلى استشهاد محمد خمايسي من كفر كنا، ورامز بشناق من كفر مندا، مسقط رأس رئيس لجنة المتابعة نفسه.

يوم الغفران واعتداءات المستوطنين
بعد الاجتماع مع براك، وحقنًا للدماء، قررت لجنة المتابعة عدم إعلان الإضراب لليوم الرابع، وانسحبت قوات الشرطة من معظم البلدات العربية. لكن ذلك لم يُنهِ الاعتداءات.

في مساء يوم الغفران (8 أكتوبر)، تحركت مجموعات فاشية في مناطق مختلفة: العفولة، طبريا، برديس حنا، وحيفا. اعتدت على العرب، هاجمت محالهم التجارية، وكسّرتها تحت حماية الشرطة التي لم تتدخل.

في الناصرة، تجمع مئات من سكان نوف هجليل قرب الحي الشرقي محاولين اقتحامه. تصدى لهم الأهالي، لكن الشرطة انحازت للمستوطنين واعتدت على السكان. أُطلق الرصاص الحي على الأهالي، وأصيب عدد من المواطنين. لم تعتقل الشرطة مطلقي النار، وترددت إشاعات أن مطلق الرصاص كان أحد رجالها.

نُقل بعض المصابين إلى مستشفيات الناصرة، بينما أُرسل آخرون إلى مستشفى "رامبام" في حيفا. هناك، أشرف بروفسور أحمد محاجنة على العمليات الجراحية، وخرج ليبلغني بوفاة الشهيد وسام يزبك سريريًا. لم يكن بحوزته أوراق هوية، فتواصلت مع رئيس بلدية الناصرة رامز جرايسي. عبر إذاعة "راديو 2000"، ناشدنا الجمهور للتعرف على العائلة، حتى تواصل بروفسور محمود يزبك، عم الشهيد، وأبلغنا أن والده ووالدته وأخته في طريقهم إلى حيفا.

في الطوارئ، تواجد محامون وناشطون لمرافقة العائلات. انهارت عائلة يزبك حين أُبلغت باستشهاد ابنها. رفضت العائلة في البداية تصديق الأطباء، وأصرت على توديعه قبل الإعلان الرسمي. كان ذلك من أقسى اللحظات التي عشناها.

في النهاية، قررت الشرطة تسليم الجثمان دون تشريح. وثّقنا الجثمان، وحصلنا على شظايا الرصاص التي استخرجها الأطباء، ثم نُظم تشييعه في جنازة مهيبة في شوارع الناصرة، حيث دفن وسام يزبك وعمر عكاوي في اليوم نفسه.

لجنة أور

بضغط من القيادة السياسية، وبتوصية من مؤسسة "عدالة"، شُكّلت لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاضٍ. عقدت جلساتها على مدار ثلاث سنوات، وأصدرت تقريرًا شاملًا لم يُنصف الشهداء، ولم يُدن القتلة.

بدلًا من محاسبة المسؤولين، أحالت اللجنة ملفات القتل مجددًا إلى وحدة التحقيق مع رجال الشرطة "ماحاش"، ما استفز العائلات. حاولت الوحدة إخراج جثامين بعض الشهداء من قبورهم لإعادة التشريح، لكن غالبية العائلات رفضت.

انتهى التحقيق دون لوائح اتهام. اكتفت اللجنة بتحميل أليك رون، قائد المنطقة الشمالية، وعدد من الضباط مسؤولية جزئية عن إطلاق النار.

رابط لنسخة من تقرير لجنة اور

لجنة لبيد
كلّفت الحكومة وزير القضاء الجديد، موشيه لبيد (والد يائير لبيد)، بتنفيذ توصيات لجنة أور. أصدر تقريرًا تضمّن توصيات تتعلق بتحسين قدرات الشرطة لقمع المظاهرات، وملاحقة القيادات العربية واتهامها بالتحريض، إضافة إلى مقترحات اقتصادية وتنظيم "يوم للتعايش".

حاول لبيد استغلال التوصيات لتسريع مشروع دمج العرب في الخدمة المدنية. في المقابل، واصلت الشرطة استخدام الرصاص ضد العرب. وثّق مركز مساواة هذه الانتهاكات في تقرير خاص كشف تواطؤ "ماحاش" والنيابة العامة.

ملاحقة القيادات السياسية
منذ دعم الأحزاب العربية حكومة رابين (1992-1995)، استهدف اليمين الإسرائيلي المستوطن قيادات الداخل بشكل متصاعد. بعد الانسحاب من غزة وشمال الضفة (2005)، تصاعد التحريض، وأُنشئت جمعيات لنزع شرعية المشاركة السياسية للعرب، وسُنّت قوانين لتهميشهم.

اتهم شمعون بيرس المجتمع العربي بخسارته انتخابات 1996. ورغم أن 95% من العرب صوتوا لإيهود براك عام 1999، استثناهم من حكومته. بعد حملة المقاطعة التي أعقبت قتل الشباب في 2000، خسر براك انتخابات 2001 أمام أريئيل شارون.

منذ ذلك الحين، تحمّلت الجماهير العربية مزاعم مسؤولية "إسقاط المعارضة"، وتعرضت قياداتها لحملات تحريض واعتداء غير مسبوقة.

وقد رصد مركز مساواة التحريض على القيادات السياسية بتقرير خاص أصدره فيما يلي الرابط

25 عامًا من الانتهاكات
لم تكن هبة أكتوبر آخر الاحتجاجات. ففي عام 2021 اندلعت "هبة الكرامة"، حيث لم يُقتل متظاهرون، لكن استخدمت فيها وسائل القمع ذاتها التي أوصت بها لجنة أور: اعتقالات جماعية، حصار البلدات، وتحريك عصابات المستوطنين للاعتداء على العرب في المدن المختلطة مثل حيفا واللد وعكا.

رغم قتل محمد كيوان في أم الفحم وموسى حسونة في اللد، لم تُحاسب الشرطة المعتدين اليهود، بل لاحقت واعتقلت المئات من الشبان العرب.

بين القدس وغزة
تأتي ذكرى "القدس والأقصى" هذا العام بينما تُرتكب مجازر في غزة تُبث مباشرة للعالم. لا يمكن أن نحيي الذكرى دون الاحتجاج على استمرار هذه المجازر.

من درَس النكبة والنكسة وحروب لبنان وغزة يدرك أن الهدف من تدمير غزة وتهجير أهلها هو إعادة إنتاج مصير شعبنا في النكبة، وقمع كل مقاومة لسياسات إسرائيل.

علينا أن نتحمل مسؤولية إحياء ذكرى من دفعوا الثمن، وأن نواصل النضال للحفاظ على وجودنا وتطورنا في أرض الوطن.

من الضروري أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا وبقوتنا السياسية والأخلاقية، وأن نعيد إطلاق حراك سياسي يحرر شعبنا من الاحتلال، ويحررنا من العنصرية والدونية التي يحاول البرلمان الإسرائيلي فرضها علينا. يتطلب ذلك تحليلًا دقيقًا لمكانتنا، وبناء خطط عمل تحمي أولادنا وبناتنا وشعبنا.

خاتمة
إن إحياء هذه الذكرى بعد ربع قرن يشكل التزامًا وطنيًا وسياسيًا وأخلاقيًا بمواصلة طريق النضال، والعمل المشترك من أجل صون كرامة شعبنا وحقوقه، وحماية مجتمعنا من سياسات الاستهداف والاضطهاد التي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا. في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، ومع ما يشهده قطاع غزة من مجازر، تكتسب هذه الذكرى أهمية مضاعفة، كونها تذكّرنا بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا جميعًا في الحفاظ على وحدة صفنا الداخلي، وتعزيز قوتنا السياسية والاجتماعية، ومواصلة العمل الدؤوب لبناء مستقبل آمن وعادل لأجيالنا القادمة، حيث يعيش شعبنا بحرية وكرامة على أرضه، ويتمكن من تقرير مصيره بنفسه.

الكاتب: مدير مركز مساواة، عمل سابقًا صحافيًا، وشغل منصب رئيس الاتحاد القطري للطلاب الجامعيين العرب.

اشترك في القائمة البريدية
ادخل بياناتك لتبقى على اطلاع على اخر المستجدات
ارسل